اللغة الفارسية



تعد اللغة الفارسية لغة آرية تنتمي إلى مجموعة اللغات الهندوإيرانية التي تنتمي بدورها إلى مجموعة اللغات الهندوأوروبية. وعلى الرغم من أن هذه اللغة تختلف في أصلها عن اللغة العربية التي تنتمي إلى مجموعة اللغات السامية، إلا أنها تدون بالخط العربي، مع الاحتفاظ بكامل سماتها الهندوآرية الأصلية من حيث النظام النحوي والصرفي وبناء الجملة الذي يختلف تمام الاختلاف عن نظام اللغة العربية.

كانت اللغة الفارسية (زبان فارسى) في أصلها لهجة خاصة بإقليم فارس، كما يشير اسمها. ومرت اللغة في تطورها بعصور اصطلح على تقسيمها الى ثلاثة هي:

1ـ الفارسية القديمة (فارسى كهنه)
وتمثلها النقوش الأكمينية بداية من القرن السادس قبل الميلاد. وكانت الفارسية القديمة تدون بالخط المسماري من اليسار إلى اليمين. ومن أشهر النقوش المدونة بها والتي تم الكشف عنها في العصور الحديثة نقش بيشتون وتخت جمشيد. وربما كانت اللغة الأڤستية، وهي لغة الكتاب المقدس للدين الزردشتي والذي يُعرف بالأڤستا أقدم مما نطلق عليه اسم "الفارسية القديمة"، حيث لم يعرف حتى الآن على وجه اليقين متى عاش زردشت نبي الفرس القدامى. وكانت اللغة الأڤستية تكتب بخط يعرف باسم (دين دبيره) من اليمن إلى اليسار.

2ـ الفارسية الوسطى (فارسى ميانه)
وتمثلها بصورة رئيسية تلك الكتابات الپهلوية والنقوش الساسانية والنصوص المانوية (نسبة إلى عقيدة ماني) التي تم اكتشافها في العصور الحديثة بآسيا الوسطى. وتشمل الفارسية الوسطى اللغات الپهلوية الساسانية – أي اللغة التي كانت سائدة في إيران حتى تاريخ الفتح الإسلامي لها – تدون بخط يعد صورة من الألفباء الآرامية، وكانت تكتب من اليمين إلى اليسار. وظلت الپهلوية الساسانية حية في إيران حتى القرن السابع الميلادي، ثم بدأت تفقد مكانتها الرسمية في البلاد لتصبح لغة الدين داخل المعابد.

3ـ الفارسية الحديثة (فارسى درى)
وهي اللغة الفارسية الإسلامية التي تدون بالخط العربي. فمع دخول الإسلام إلى إيران ودمجها في النطاق الإسلامي أصبحت اللغة العربية في البداية هي اللغة الرسمية ولغة الادارة في البلاد، وحلت محل الپهلوية الساسانية التي انزوت وأصبحت مقصورة على من ظلوا على الدين الزردشتي كما سبق الاشارة

ورغم ذلك ظلت اللهجات الإيرانية حية على لسان الناس. وبعد ما يقرب من قرنين من الزمان – أي في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) – ظهرت ديلات فارسية بدأت في الخروج التدريجي من تحت سيطرة الخلافة الإسلامية في بغداد، وعملت على إحياء اللغة الفارسية كخطوة أولى نحو بعث الماضي القومي والهوية الإيرانية. وشيئاً فشيئاً ظهرت لغة جديدة تسمى الفارسية الدرية، وتضم عدداً كبيراً من الألفاظ الغربية، وتدون بالخط العربي مع إضافة أربعة أحرف محلية ومع الاحتفاظ بنفس البنية النحوية والصرفية الآرية. وهي تشبه في ذلك الانكليزية مثلاً في استيعابها للألفاظ اللاتينية واليونانية. وكان هذا التأثر الشديد من جانب اللغة الفارسية باللغة العربية مبعثه الأساسي هو التأثر الشديد من جانب الفرس بالدين الاسلامي. كما أن هذه الألفاظ والتراكيب العربية تظهر بصورة أكثر شيوعاً في الكتابات الرسمية والأدبية. أما اللغة المتداولة على لسان الناس في حياتهم اليومية فتضم نسبة أقل نسبياً من هذه الألفاظ والتراكيب والتعبيرات.

ثم تمكن الايرانيون فيما بعد من تطوير أسلوب خاص بهم في الكتابة اليدوية والأشكال المطبوعة، إلا أن الاختلاف يزيد وضوحاً في الخط اليدوي.

ومع أن الفارسية الدرية هي اللغة الرسمية لدولة إيران، إلا أن المتحدثين بها في ايران لا يزيدون على نصف تعداد السكان تقريباً، حيث يتحدث بقية السكان لغات أخرى كالعربية في إقليم خوزستان، والتركية الآذرية في إقليم آذربيجان الإيراني والكردية ببعض مناطق الشمال والشرق وفي هذه المناطق يتعلم السكان الفارسية الدرية كلغة ثانية، حيث انها لغة الادارة والصحافة والتعليم. وتضم اللغة الفارسية الدرية عدة لهجات، أما الفارسية الرسمية المتداولة في لغة الإدارة والأدب والصحافة والتعليم فهي فارسية طهران تحديداً.

كما تُستخدم الفارسية الدرية أيضاً ضمن لغات أخرى في أفغانستان وتاجيكستان، ففي أفغانستان هناك لغتان رسميتان هما الفارسية والپشتو. وفي تاجيكستان – وهي إحدى الجمهوريات التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي السابق – تعرف الفارسية باسم "تاجيك". وثمة فروق غير خينة بين فارسية طهران والفارسية التاجيكية سواء من الناحية الصوتية أو الدلالية، في حين تزداد أوجه التشابه بين الفارسية التاجيكية والفارسية الأفغانية. وبالاضافة الى ذلك فهناك لغات أخرى تقترب من الفارسية المتداولة في مناطق آسيا الوسطى، ومنها الطالشية والجيلكية والمازندرانية (حول بحر قزوين) والكردية والبختارية واللرية والبالوتشية (في باكستان بصورة رئيسية) وغيرها من اللغات واللهجات المنتشرة بصورة عامة داخل إيران نفسها والمنطقة المحيطة بها. وتُعرف هذه اللغات في مجملها باللغات الإيرانية.

المصدر معجم الواعد فارسي عربي
د. عبد الوهاب علوب

0 التعليقات: